قصص كليلة ودمنة المحتال والمغفل
نقدم لكم واحدة من أجمل قصص كليلة ودمنة ، المحتال والمغفل قصة من الثرات الأصيل تحمل عبر لا تخطئها عين القارئ، يحبها الكبار
و الصغار لعذوبة أسلوبها و لجمالية تعابيرها و لربطها بين ما هو خيالي و واقعي ، سنحاول في سرد هذه القصة تبسيط الأسلوب
ليناسب الأطفال الصغار .
بداية قصة كليلة ودمنة
رحلة المحتال والمغفل
يحكى أنه في قديم الزمان و في سالف العصر والأوان، اشترك محتال و مغفل في تجارة ، و كانا يسافران دائما بين الأسواق يحملان
بضاعتهما على ظهر بغل يافع قوي ، و ذات مرة وفي رحلة تجارية معتادة ، سافر المحتال والمغفل إلى سوق بعيد و بينما هما في
الطريق حل الليل ، فاضطرا للمبيت في العراء ، فقال المحتال للمعفل: إذهب أنت اجمع الحطب بينما سأجهز الموقد و أعد الطعام
المغفل يجد المال
و بينما كان المغفل يجمع ما تيسر من حطب يابس ، وجد صرة من المال بمقدار ألف دينار ، فرح المغفل بالمبلغ و قرر إخفاء الأمر
عن شريكه ، و الاحتفاظ بالمبلغ لنفسه ، فرجع عند شريكه يحمل حطبا و يخبئ الصرة في حزامه ، أكل الشريكان عشاء و شرعا
يتسامران كعادتهما ، لكن المحتال أحس بشيء غير طبيعي ، فقد اعتاد المغفل الإكثار من الكلام و الضحك لأسباب واهية ،لكنه الآن صامت كثير السهو.
في الحقيقة كان المغفل يحلم بما سيشتريه بهذا المبلغ غدا في السوق.
المحتال يكشف الأمر
كانت تجارة المحتال جيدة و ربح مبلغا محترما من المال ، فجاء المغفل و اقتسمه معه قائلا : إن الشريك الوفي يقتسم مع شريكه المغنم و المغرم .
و ها أنا ذا أعبر لك عزيز يأنني لن أتخلى عنك مهما حصل و أرجو أن تبادلني نفس الشعور.
رد المغفل : بالطبع لقد جمعتنا شراكة طويلة و مررنا بلحظات صعبة ، فمن يخون سينتقم منه الله تعالى . المحتال :هل أنت متأكد من كلامك.
المغفل: بالطبع المحتال : وماذا وجدت البارحة عندما كنت تجمع الحطب ؟ رد المغفل مترددا أأأ لقد ...
ثم أحس بتأنيب الضمير، و قال بعزيمة : أسألك العذر أخي لقد وجدت صرة من المال فيها ألف دينار ، صدقني عزيزي لم أستطع النوم البارحة من شدة الإحساس بالذنب ،
و الآن سأقتسم المبلغ معك.
خطة المحتال في قصص كتاب كليلة ودمنة
حفرة قرب شجرة معلومة ، و كلما اضطر أحدنا أن يأخد منه مبلغا جاء لأخده بعد مشورة شريكه ، فرح المغفل بفكرة المحتال
فقد أراحته من عذاب الضمير، و وافق على اقتراح المحتال و لم يعرف ما يخبئه له الزمان في كليلة ودمنة قصص.
حفر الشريكان حفرة عميقة و وضعا فيها كنزهما الصغير ، لكن و بعد مرور فترة زمنية رجع المحتال وحده ، و أخد المال
مزهوا بذكاءه و ساخرا من سذاجة المغفل .
بعد شهور زار المغفل زميلة المحتال ، و قد ظهرت على سحنته إمارات الضيق و الحاجة ، ثم قال : كما تعلم لقد حان وقت زفاف ولدي
و أريد بعض المال لتغطية تكاليف العرس . ما رأيك أن ترافقني إلى الشجرة المعلومة لأخد بعض المال .
المحتال مبتسما : أمهلني بضع دقائق. و أسرع عند أبيه و طلب منه الدخول إلى جدع الشجرة المعلومة ثم رافق المغفل إلى مكان الكنز
المدفون ،حفروا و حفروا فلم يجدوا شيء .
صاح المغفل : أيعقل أن تكون قد أخدت المال و خنت العهد . رد المحتال :بل أنت من خان لقد أخفيت عني الموضوع أول لأمر
و الأن ها أنت تسرق المبلغ كله يا لك من مخادع .
المغفل : سأشتكيك عند القاضي ليأخد حقي منك .
نهاية قصص كليلة ودمنة للاطفال
الشجرة تتحدث
لجأ الشريكان إلى القاضي لحل قضيتهما ، و حكيا له الحكاية كلها، فكر القاضي قليلا ثم توجه إلى المغفل بالسؤال : هل عندك إتبات مبين
على خيانة شريكك و سرقته؟ رد المغفل بعد تردد : لا ...يشهد الله على أنني استودعت هذا السارق مالي ، و لم أظن فيه الغدر و قلة المروءة
تبسم المحتال و قال : إن كان هذا لا يملك دليلا بينا ، فأنا أملك الحجة الدامغة .القاضي: أرني إياها . المحتال : إن عندي شاهدا راى و سمع كل
ما حدث، إن الشجرة المعلومة ستشهد على صدقي و كذبه .القاضي مستغربا و كيف لشجرة أن تتحدث، عموما سندهب و نتيقن .
القاضي يكشف أمر المحتال
توجه الجمع مباشرة إلى الشجرة المعلومة قال القاضي : ها هي دي شجرتك أو شاهدك المفترض . المحتال نعم أطلب منها سيدي و ستنطق
بالحق ، توجه القاضي بالسؤال للشجرة : أيتها الشجرة العجيبة أخبرينا بالسارق الحقيقي .
و كان المحتال قد اتفق مع أبيه أن يختبئ في جوف الشجرة ، و أن يشهد بسرقة المغفل للمال ، و بالفعل تكلم الأب وسط دهشة الحميع
باتهام المغفل و براءة المحتال .
قال المغفل : والله لقد ظهر العجب في الدنيا الشجر يشهد بالزور. قال القاضي : لقد صدق حدسي و تبينت الحقيقة .ظن المغفل أنه لا محالة هالك
لكن القاضي أمر بإحضار نار و أحرق الشجرة صاح أب المحتال : النجدة النجدة . هنا حكم القاضي على المحتال و أبيه بإرجاع المال
كله للمغفل ، و بغرامة مالية كبيرة إضافية ليكونوا عبرة لمن يعتبر، و بالسجن شهرا تعذيرا لهما و جزاء على طمعهما و جشعهما.
الحكمة من حكايات كليلة ودمنة
للقصة حكم و دروس كثيرة و هي :
ضرورة حسن اختيلر الصديق الصدوق فهو عملة ناذرة و ركن نلجأ إليه وقت الضيق .
الابتعاد عن كل خديعة أو مكر فإن عاقبتها سيئة و مألها الفشل .
الحب و الأخوة بين الأصدثاء أمر ضروري .
الروية و إعمال العقل قبل الحكم على الناس .
الشراكة في أي شيء تقتضي الوفاء و صفاء النية .
تعليقات
إرسال تعليق