القائمة الرئيسية

الصفحات

رحلات السندباد البحري السبعة


بلا شك أنكم سمعتم عن رحلات السندباد البحري السبعة و حكاياتها الخيالية،  و استمتعتم بما كانت تحكيه شهرزاد للأمير شهريار، اليوم سننعش ذاكرتكم بأحلى القصص التي لا تخلو من حكم و مواعظ تربوية، سترشد أطفالنا و توجههم في حياتهم كما ستغني رصيدهم اللغوي و التعبيري.





رحلات السندباد البحري السبعة
رحلات السندباد البحري السبعة




                                                               اقرأ معنا قصة ماوكلي مكتوبة


رحلات السندباد البحري السبعة


شهرزاد تحكي رحلات السندباد

كان يا مكان في قديم الزمان ،و لا يحلو الكلام إلا بذكر العزيز الرحمان و الصلاة والسلام على المصطفى خير الأنام .
بينما كان شهريار مستلقيا على أريكة مخملية ،تترنم أدنه بأحلى الأنغام أحس بالضجر فنادى زوجته شهرزاد، لتروح عن نفسه بحكاية من قصص ألف ليلة وليلة تؤنسه و تلهم خياله .

احك لنا شهرزاد واحدة من قصصك الممتعة، و لتكن أكثر إثارة من سابقتها ،ردت شهرزاد بكل فرح و سعادة سأحكي لكم قصة السندباد البحري

غيرة الهندباد من ثروة السندباد

 في مدينة بغداد و بين أزقتها القديمة ، كان هناك حمال يسمى هندباد ، كان يعمل بجد و مثابرة ، لكسب قوت يومه و ذات ليلة صيفية هادئة ، و بينما هو جالس على رصيف أحد الشوارع ، يرتاح من تعب اليوم الشاف ، سمع صوت العنادل تزقزق و الموسيقى و الغناء من داخل قصر فخم .

فظن الحمال أن أصحاب القصر يحيون حفل زفاف ساهر ، اقترب الهندباد من باب القصر ، و سأل أحد الخدم عن صاحبه ، رد الخادم مستغربا : ومن في بغداد كلها لا يعرف سندباد البحري الذي ملأت شهرته الأفاق .

رجع الهندباد إلى رصيفه ، وأخد يتأمل  فخامة القصر و جمال حديقته ، ثم تساءل : ماذا فعل السندباد في حياته ليستحق كل هذه الرفاهية ؟ و ماذا جنيت من ذنوب لأستحق حياة البؤس و الشقاء ؟ ثم انتابه غضب شديد و صاح بأعلى صوته : أين العدل و المساواة ؟ شخص واحد يستمتع بثروة تغني كل المساكين و الفقراء في المدينة ،  بال هذا السندباد من رجل محظوظ .

و ماهي إلا هنيهة حتى جاء خادم قوي البنية  ، من داخل القصر يدعو الهندباد إلى مقابلة السيد ، فزع الهندباد و تأكد أن السندباد سمع صراخه ، أن هذا الاستدعاء نهايته عقاب شديد ، أراد الاعنذار لكنه خشي بطش الخادم ، الذي كانت نظراته حادة حازمة ، فاضطر في النهاية للدخول .

صاحب الحمال الخادم حتى وصلا غرفة  فخمة في وسطها مائدة تحوي  ما لذ و طاب من أشهى المأكولات و المشروبات ، و في صدر المجلس يوجد شاب حسن الخلقة مهيب الطلعة فعرف أنه السندباد .

السندباد يكرم الهندباد

قرب السندباد الهندباد منه و هدأ من روعه ، ثم دعاه للطعام فأكل حتى شبع ، ثم قال : أعد على مسامعي ما قلته توا .
اضطرب الهندباد و احمرت وجنتيه من الخجل  ، لكن السندباد عاجله قائلا : لا تقلق أيها الرفيق فأنا لا أنوي عقابك أو تقريعك 
أجاب الهندباد  : اعذرني صديقي فقد أغشى بصيرتي ، ما أعانيه من فقر و تعب ، فلا تحاسبني على لحظة غيرة حجبت عني كرمكم و جودكم .

السندباد : يجب أن تعلم أن هذه الثروة لم تأت بالصدفة و الحظ ، بل بمعاناة و صبر ، سأحكي لك عزيزي كيف حصلت ثروتي ، و مقدار المخاطر التي كابدتها و التي يشيب من هنولها الولدان ، حتى وصلت لهذه الحياة التي تسميها مترفة السعيدة .سأحكي لك حكاية السندباد البحري 

السندباد البحري يحكي قصته

السندباد من حياة الترف إلى المغامرة 

كان أبي من التجار الكبار في بغداد ، توفي و أنا في عمر المراهقة و الطيش ، و ترك لي ثروة طائلة لم أحسن تدبيرها، فأسرفت في الإنفاق على نفسي و على أصحابي ، و ظللت على هذا الحال مذة من الزمن ، حتى قارب على النفاذ ، ثم تنبهت من غفلتي ذات يوم ، و أدركت أن مصيري الفقر و الحاجة ، و تصورت نفسي في أخر أيامي عجوزا أتسول لقمة العيش في شوارع بغداد . 

فقررت التوقف عن حياة التفاهة و المجون ، و استغلال ما بقي من ثروتي  و تنميتها ، فعزمت على السفر و العمل في التجارة مثل أبي ، جمعت ما بقي لي من مال  ، و بعت بعض الأملاك  ، و اشتريت بثمنها بضاعة ، و رافقت بعض التجار من أصدقاء أبي رحمه الله ، في قافلة تتجه إلى مدينة البصرة ، هناك ركبنا باخرة متجهة إلى الهند ، و منها إلى جزر و بلدان مختلفة ، بعنا بضاعتنا و كانت الأرباح وفيرة  و الحمد لله ، وبينما كانت سفينتنا تمخر عباب البحر فإذا بنا نشاهد جزيرة صغيرة تلوح من بعيد ، اقتربنا منها و أرسينا سفينتنا ثم أخدنا نلهو و نلعب حتى جاء وقت الظهيرة ، و أحسسنا بالجوع ، أحضر بعض التجار لحما و خبزا و قررنا إقامة حفل شواء .

غرق سفينة السندباد البحري

و ما إن أشعلنا النار حتى تململت بنا الجزيرة  تململا عنيفا ، فأصابنا هلع شديد ، صاح الربان : انجو بأنفسكم قبل أن يحل بكم الهلاك . و ما كاد الربان ينهي كلامه حتى غاصت الجزيرة في البحر مودية بحياة أغلب التجار غرقا .

لم تكن الجزيرة حقيقية ، بل كانت حوتا ضخما مكسوا بالأصداف و النباتات البحرية شبيه باليابسة ، كان نائما حتى أيقضناه بحرارة النار ، أما أنا فكنت بعيدا عن السفينة فتشبتت بلوح طاف على سطح الماء ، ليقيني من خطر الغرق وشاهدت السفينة تبتعد حاملة معاها أملي في النجاة .

أمضيت الليلة تتلاطمني أمواج البحر و الرياح و العواصف ، حتى أشرقت شمس يوم جديد ، ليهدأ البحر و يصفو الجو ، لحسن حظي قدفتني الأمواج لشاطئ جزيرة مهجورة .

السندباد في الجزيرة

كان التعب قد تمكن مني  ، فنمت يوما و ليلة ثم استيقظت على إحساس بألم جوع شديد  ، بدأت رحلة اشتكشافية في الجزيرة ، فهالني ما شاهدت لقد كانت الجزيرة غنية بشجر الفواكة و عيون ماء عذب زلال فأكلت حتى شبعت .

ثم تابعت جولتي في أنحاء الجزيرة ، حتى وصلت الجهة المعاكسة منها ، هناك شاهدت فرس ترعى في مرعى أخضر ، فجالت عيناي في المكان باحثة عن صاحبها ، حتى صادفت رجلا يبدو كالخدم سألني عن هويتي ، فحكيت له قصتي ، استغرب الرجل من  قصة سندباد مختصرة لكنه دعاني للتعرف على باقي أصدقاءه .

عند اللقاء استفسرت عن سبب قدومهم لهذه الجزيرة العجيبة فأخبروني أنهم خدم ملك الهند ، و أنهم أتو بفرسه الأصيلة لترعى في الجزيرة ، ليخرج إليها حصان البحر العجيب فتحمل منه ، و عند محاولته أخدها معه يخرج إليه الخدم فيعود للبحر خائفا ، ثم يرجعون بها إلى المملكة لتلد سلالة أصيلة فاخرة ، وبينما هم منهمكين في تفسير مهمتهم ، حتى سمعنا صوت صهيل حصان البحر العجيب ، فأمروني بالسكون و الاكتفاء بالمشاهدة من خلف الشجرة ، بعد حين حاول حصان البحر أخد الفرس ، خرج عليه الخدم ففزع و عاد إلى البحر .

السندباد في الهند

و في اليوم التالي  رافت الخدم للقاء ملكهم ، و كان لقاء مليئا بالحماس و التشويق، حيث رويت حكايتي في مجلس الملك ، الذي عجب لما سمعه ، و ربطتني به صداقة وثيقة  ، فاستضافني و أكرم وفادتي .
و صرت أزور ميناء المدينة ، كل يوم ألتقط أخبار  بلدي بغداد فقد سئمت الغربة وثاتقت نفسي للقاء الأحبة  .                                                                                                     
بعد مدة رست في الميناء سفينة كتبت عليها عبارات باللغة العربية ، تحمل سلعا ثمينة فأسرعت نحوها ، و سألت الربان عن صاحب السلعة فقال : لقد كان رجلا صالحا ودودا اسمه السندباد ، و قد توفي خلال رحلة تجارة غرقا رحمه الله. فأخدت على نفسي أن أبيع بضاعته و أن أعطي أهله ثمنها  .

صحت فرحا :  أنا السندباد وهذه بضاعتي التي كابدت في جمعها . قثارت ثائرة الربان قائلا : ألا و الله لقد فسدت الذمم كيف تدعي بأنك السندباد ، و قد شاهدت غرقه بأم عيني   .

قلت لا تعجل بالحكم علي سيدي ، سأذكر لك سيدي كل أسماء التجار الذين رافقتهم ، و كذلك الحوار الذي دار في السفينة ، مذ تحركت من بغداد حتى غاصت في البحر .

و بعد أن أنصت الربان بتأن  و أيقن من صدق قصص سندباد قصيرة اغرورقت عيناه بالدموع ، و عانقي و قرر  أن يرجع لي سلعي ، فما كان مني إلا أن أهديته هدية ثمينة لكنه رفض قبولها بحزم .

توجهت بعد ذلك إلى ملك البلاد ، و أخترت أثمن الهدايا لأعبر له عن شكري لما قدمه لي من عناية و حسن ضيافة ، فما كان منه إلا أن برهن مرة أخرى عن كرمه ، فأهداني أثمن المجوهرات و الدهب و الفضة .

رجوع السندباد إلى بغداد 

بعت سلعتي بأغلى ثمن ، و رجعت إلى بلدي بثروة هائلة فاقت ثروة أبي ، فاشتريت قصرا ووظفت خدما و تصدقت على الفقراء و الأيتام  ، و ها أنا ذا أمامك لأحكي لك قصة سندباد الحقيقية 

عند نهاية القصة أحس الهندباد بالحسرة و الندم ، على ما تفوه به من أحكام مسبقة جاهلة ، لكن السندباد هدأ من روعه و أهداه مئة دينار و كثيرا من الثياب و مأكولات لصغاره فشكره و أعاد الاعتذار له .

و هكذا انتهت قصة أول رحلة من رحلات السندباد السبعة . كانت هذه آخر عبارات شهرزاد قبل أن يصيح ديك الصباح ، لتسكت عن الكلام المباح تاركة الملك شهريار متشوقا لمعرفة باقي الرحلات  .                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  المصدر من     هنا                                                    

تعليقات